مفهوم "السلطة المواطنه" بين الدستور، وخطب الملك..."الحڭرة" ألم يخدش كرامة المواطن

بنبرة تعلوها الحسرة صرخ هذا الرجل الستيني بصمته في وجه "الحڭرة" التي أحس بها، صراخ تحس به في تلاوين بشرته السمراء وفي كلماته التي تاهت عنها التعابير، قال لي "خدا ليا القايد السلعة ديالي من المحل" وأضاف "قال ليا مايمكنش ليك تبيع التلفازات مع الحوايج"!! ثم صمت وفي سكون اللحظة تسللت من بين عينيه تلك النظره اللامعة لشخص يحس بألم عميق قد خدش كرامته التي هي أعز مايملك ...إنه ألم "الحڭرة" الذي يتولد حين يمتزج الإحساس بضياع حق لايمكن استرجاعه، خاصة إن تم باسم القانون والسلطة. تختلط الأفكار والأوراق في ذهن الرجل لتسرح نظراته في أفكاره ...ضاع رزقي، وأهينت كرامتي باسم القانون...



محاولة يائسة للرجل من أجل استعادته لسلعته المحجوزة



هذه القصة والتي حدتث مساء اليوم (02/12/2013) بجماعة احصين (سلا) لاتعدو أن تكون سوى جزء من صورة مصغرة لواقع ممارسات بعض ممن أنستهم عظمة السلطة، أنهم فيها لخدمة الوطن والمواطنين وصون كرامتهم.

تبادر إلى ذهني سؤال جوهري، كيف يمكن للسلطة أن تكون مواطنة إن لم تحترم كرامة المواطنين ؟ وهل يمكننا التحدث عن مفهوم السلطة المواطنة دون تعريف "كرامة المواطن"؟

وباعتبار أن الدستور هو القانون الأسمى الذي ينظم السلطات ويحدد القواعد العامة لشكل الدولة، ارتأيت أن أعود إليه لعلي أجد شرحا لمفهوم السلطة المواطنة وقررت إعادة قراءة خطاب الملك محمد السادس الذي وجهه إلى الأمة في يوم 17 يونيو 2011 الذي كانت غايته تعريف المغاربة بالدستور الجديد من أجل الإستفتاء عليه . ولعل أبرز ما شدني في بحثي عن تعريف "للسلطة المواطنة" هو كون الدستور يرتكز على دعامتين أساسيتين إحداهما ترتبط بكون آليات الطابع البرلماني للنظام السياسي المغربي تهدف لحماية حرية وكرامة المواطن حيث أكد الملك في خطابه التاريخي أن الدعامة الثانية : "...تتجلى في تكريس مقومات وآليات الطابع البرلماني للنظام السياسي المغربي، في أسسه القائمة على مبادئ سيادة الأمة، وسمو الدستور، كمصدر لجميع السلطات، وربط المسؤولية بالمحاسبة، وذلك في إطار نسق دستوري فعال ومعقلن، جوهره فصل السلط، واستقلالها وتوازنها، وغايته المثلى حرية وكرامة المواطن" (خطاب 17 يونيو 2011)

فغاية القانون ودور السلطة هو حماية هذه الحرية وصون هذه الكرامة، لذلك فليس من الغريب أن يستحضر الملك باعتباره رئيسا للدولة، وأعلى سلطة في البلاد "مفهوم الكرامة والمواطنة" بشكل دائم في خطبه . ففي مناسبة الذكرى الرابعة عشر لإعتلائه العرش وفي خطابه الذي وجهه للأمة (يوم 30 يوليوز 2013) عاد الملك ليؤكد مرة أخرى على أن كرامة المواطن كانت في صلب اهتماماته منذ اعتلائه العرش:" قد عملنا منذ اعتلائنا العرش، على إطلاق العديد من الأوراش الاقتصادية والاجتماعية، في موازاة مع الإصلاحات السياسية والمؤسساتية، في تجاوب مع تطلعاتك. وقد جعلنا كرامة المواطن المغربي وازدهاره، في صلب اهتمامنا" (خطاب العرش 30 يوليوز 2013). وليس من الغريب أيضا أن تجد الملك يصف نفسه بالخديم الأول، في تكريس لمبدأ السلطة التي تستمد شرعيتها من الشعب باعتبار التاريخ الممتد للبيعة والولاء...

إن مفهوم السلطة المواطنة هو مفهوم وجب تفعيله بتنزيل مضامين الدستور، التي تضع حرية وكرامة المواطن كغاية تصبو إليها كل مقومات ومكونات السلط الثلاث ، فالسلطة المواطنة هي سلطة تسعى "لخدمة الشعب" والحفاظ على كرامته وصونها، وتنزيل هذه المفاهيم يلزم رجال السلطة والساهرين على تطبيق القانون، باحترام روح الدستور وتنزيل مضامينه في معاملاتهم اليومية مع المواطنين، فهيبة الدولة تتقوى حين تنتهي مظاهر "الحڭرة".




Aucun commentaire

Ajoutez votre commentaire

Fourni par Blogger.