بعد مجيء بنكيران "المنتظر"، ماذا تغير في المشهد السياسي المغربي؟....هل يدق بنكيران آخر المسامير في نعش حزبه ؟

لاأحتاج إلى التذكير بالسياق السياسي والتاريخي الذي جاءت تمخضاته المتتالية والمفاجئة (للبعض) لتعلن فوز حزب العدالة والتنمية بانتخابات جعلت من أمينه العام رئيسا للحكومة المغربية الحالية مع نصيب الأسد (ليس بشار) من الحقائب الوزارية، فالذاكرة ليست بقصيره إلى تلك الدرجة لكي ننسى كيف جاء بنكيران ليرأس الحكومة وليتصدر المشهد السياسي بعد سنوات قضاها حزبه في المعارضة بشعارات براقة أعمت بصيرة من رأوا فيها مخرجا لهمومهم ولمشاكلهم اليومية، وظنوا أن بنكيران هو المهدي الذي تنتظره الساحة السياسية المغربية لكي ينشر بسيفه ،عفوا بتوقيعاته، العدالة والتنمية ويخلصهم من الفساد والمفسدين بعدما ملئت الأرض جورا.

بعد حوالي عامين ونصف من تجربة هذه الحكومة أتساءل كأي مواطن بسيط، بوعي سياسي أقل بساطة عما تغير بعد مجيء بنكيران "المنتظر" ،ماذا تغير في الساحة السياسية ؟ هل تطور الإقتصاد الوطني؟ وهل توجد على الأقل مؤشرات تفيد بتطوره ؟ ماذا عن التعليم ؟ التشغيل؟ الصحة ؟ الإعلام ؟ السكن ؟ ماذا عن ذلك المواطن البسيط الذي رجحت كفة أصواته وثقلها فوز الحزب الإسلامي، هل تحسن معيشه؟ هل أصبحت الحياة أقل صعوبة في عهد "العدالة والتنمية"؟ هل تحسن مدخوله؟....


تتقاطر الأسئلة وإجاباتها معروفة مسبقة وسأحاول اختصارها في وجهين :
الوجه الأول : عفا الله عما سلف، وهو حكم قد جاء به بن كيران لينسخ حكما قبله كان مضمونه "محاربة الفساد"، فمحاربة الفساد عند حزب العدالة والتنمية تقوم على العفو، وليتكفل الشعب بدفع ثمن هذا العفو من جيبه المثقوب.

الوجه الثاني : هو مرتبط بالوجه الأول، فعدم قدرة بنكيران على مواجهة التماسيح، والثعابين، والأشباح...وحتى عدم قدرته على ذكرهم بالإسم دفعته إلى محاولة اصلاح إختلالات هذا الفساد والبحث عن كيفية دفع ثمن عملية "العفو للجميع" التي أطلقها... فاهتدى إلى أن أفضل طريقة لجلب المال هي بأخذها بالقانون من جيوب البسطاء، مع بعث الأمل في نفوسهم بأن الزيادات التي ستطالهم هي ضريبة من أجل غد مشرق...

لتتحول كل قرارات بنكيران "المنتظر" الى زيادات، ثم زيادات في الزيادات. فصارت الدولة في عهد من رفعوا شعار "العدالة والتنمية" تعتمد على جيوب المواطنين كي تطور من اقتصادها وتحقق جزء ا من نقطة في سلم التنمية !! متناسين أن الخلق والإبتكار هو السبيل الوحيد لحل الأزمات وإصلاح الإقتصاد الوطني، وأن هذا الإقتصاد موجود أصلا من أجل المواطنين كي يعيشوا في رفاهية ، لكن المفاهيم انقلبت ليتحول وجود المواطن لأداة من أجل رفاهية الإقتصاد، مادامت جيوب المواطنين موجودة فالإقتصاد سيتحمل...

الجيوب ملئت ثقوبا، ولم يعد من مكان فيها كي تتحمل ثقبا جديدا، فأين العدالة والتنمية حينما تثقب جيوب وتترك جيوب... فأين العدالة والتنمية حينما يتحمل المواطن البسيط أخطاء الفاسدين ومن ينخروا اقتصاد هذا الوطن... وأين العدالة والتنمية في توزيع ثروات هدا البلد...أين العدالة والتنمية من كل هذا...

الجواب بسيط : "لاعدالة ولاتنمية" في ظل هذه الحكومة، التي أخلت بشعاراتها وأخلفت موعدها مع التاريخ، ليتحول برنامج الحزب الإسلامي البراق إلى وهم وحلم استيقضنا منه مبكرا على واقع يزداد غلاء ا يوما بعد يوم...

ذاكرة الشعب لاترحم، ومزبلة التاريخ لازالت فيها أماكن شاغرة لكل من تسول له نفسه أن يلعب بمشاعر المغاربة من أجل منصب زائل، وكل يوم يمر، يدق فيه حزب العدالة والتنمية مسمارا جديدا في نعشه، الذي سيتم تشييعه في الإستحقاقات المقبلة، ليعلن الناخبون الوفاة الرسمية للحزب....فهؤلاء الذين صوتوا من أجل "العدالة والتنمية" سيسقطون "اللاعدالة واللاتنمية" ، ويشيعونها إلى مزبلة التاريخ دونما أسف...



Aucun commentaire

Ajoutez votre commentaire

Fourni par Blogger.