الأمن القومي المغربي : ليبيا، تونس وشمال مالي... بوابات "داعش" للمغرب العربي

التصريحات الأخيرة لوزير الداخلية المغربي والتي استعرض من خلالها التهديدات الإرهابية التي تستهدف المغرب والاستراتيجية الأمنية لمواجهتها لم تشكل مفاجأة للعديد من متتبعي التنظيمات التي تنشط في الساحل وشمال افريقيا، فالمنطقة ومنذ عدة أشهر إن لم نقل عدة سنين ، تشهد اضطرابات أمنية جعلت هذه الحركات المسلحة العدو الأول لمجموعة من الدول....



الجديد في تصريحات وزير الداخلية لم يكن التهديد الإرهابي في حد ذاته، ولكن درجة ونوعية هذا التهديد الذي يرتبط بشكل كبير بأعداد المغاربة المنضمين لهاته الحركات خاصة "داعش"، ونوعية المهام التي يشغلونها إضافة إلى وجود تنسيق بين هاته التنظيمات على المستوى الإقليمي والدولي الشيء الذي جعل من المنطقة المغاربية هدفا مقبلا لتهديداتها ومخططاتها الإرهابية...

وباعتباره جزءا من المنطقة المستهدفة، إضافة إلى عدم الإستقرار الأمني والسياسي الذي تعيشه مجموعة من الدول الإقليمية، فالمغرب أبدى من خلال تصريحات وزير الداخلية وعيه التام بهاته الأخطار، وأنه مستعد لمواجهتها بكامل الجدية والحزم من أجل ضمان الإستقرار الأمني الذي تهدده هاته التنظيمات... والأكيد أن مضاعفة العمليات الإستخباراتية وتطوير أدائها من أجل ملاءمته لنوعية التهديد (من؟ أين؟ كيف؟متى؟) لن يتأتى إلا من خلال بلورة خطط استباقية تعيد تعريف مفهوم الأمن القومي المغربي، الذي لم يعد مرتبطا فقط بالحدود الجغرافية للمملكة، فالمطارات والحدود البحرية والبرية ليست المنافذ الوحيدة التي قد يستغلها الإرهابيون لتنفيذ مخططاتهم لتهديد المصالح العليا للبلد.

كيف يمكن إعادة تعريف مفهوم الأمن القومي المغربي ؟
مفهوم الأمن القومي المغربي هو مفهوم تتغير حدوده انطلاقا من السياق الذي تفرضه نوعية التهديد، نوعية العدو، واستراتيجيته لتنفيذ هذا التهديد...إذن فحدود هذا الأمن وطريقة تعامله والنطاق المسموح له بالتدخل فيه متغير بتغير العدو واستراتيجيته.

ولفهم كيفية رسم هذه الحدود يكفي فهم استراتيجية العدو، أهدافه، وتحركاته من أجل استباق كل العمليات والخطط الموجهة لتهديد الأمن القومي المغربي.

تحديد استراتيجية "داعش"
المنطقة المستهدفة : "المغرب العربي"
الهدف : زعزعة استقرار المنطقة

الوسائل المعتمدة :
  •  نشر الفكر التكفيري وتجنيد ارهابيين للقيام بعمليات داخل هذه الدول
  •  الإستفادة من عدم الإستقرار الذي تعيشه المنطقه (ليبيا، تونس، شمال مالي)
  •  الإستفادة والتعاون مع التنظيمات التي تنشط في المنطقة
  •  الموارد الطبيعية (بترول، ذهب،غاز، معادن، التهريب بمختلف أنواعه..) التي تزخر بها المناطق السالفة الذكر، من أجل ضمان تمويل المشاريع الإرهابية.
  •  سهولة تنقل السلاح والأموال والأشخاص في هذه المناطق
  •  الجغرافية الصعبة لهاته المناطق
  •  عدم التنسيق الأمني، وصعوبته بين دول المنطقة (الخلافات السياسية)

مراحل تنفيذ المخطط :

المرحلة الأولى
  • ضمان موطئ قدم داخل ليبيا ، شمال مالي وتونس في مرحلة متقدمة، باعتبار سهولة اختراق هذه المناطق أمنيا لماتعيشه من اضطرابات
  • السيطرة على مناطق إستراتيجية تتميز بموقعها الجغرافي الحدودي، مواردها الطبيعية، تمركز السلاح والبشر (مجندين محتملين)
  • استغلال الدين لنشر الفكر التكفيري الهدام (خاصة في المناطق الفقيرة الشعبية) وضمان مساندة شعبية.
  • تبني شعارات براقة من قبيل محاربة الظلم والفساد.
  • استغلال صعوبة مراقبة المساحات الكبيرة من الحدود من أجل الإنتقال بين هذه الدول.
  • إعدة رسم الحدود (ليبيا وتونس)

الإضطرابات الأخيرة في ليبيا، إضافة إلى الأخبار التي تفيد بإرسال ممثل عن زعيم تنظيم "داعش" إلى ليبيا يؤكد بالملموس أن هذه الأخيرة ستكون أول مرحلة في استراتيجية هذا التنظيم لتأسيس ما يسمى بالخلافة في المغرب، فالسيطرة على ليبيا ستساهم في السيطرة على منابع النفط التي ستشكل موارد مهمة لإطالة أمد هذا التنظيم، مما سيسهل عليه بث البلبلة في تونس لضمها، وشمال مالي من خلال الدعم الذي سيقدمه لها.

المرحلة الثانية :
مرتبطة بنجاح المرحلة الأولى (ولو نسبيا) فليبيا ستكون القاعدة الشرقية للتنظيمات الإرهابية، وشمال مالي سيتحول إلى  قاعدة جنوبية.

لتكون الجزائر هي المحطة المقبلة، مع تغيير في الإستراتيجية بالنسبة للمغرب فالمواجهة المباشرة لن تكون خيارا للتنظيمات الإرهابية... وإنما ستلجأ إلى تكوين خلايا نائمة، للقيام بعمليات ارهابية تستهدف كما جاء على لسان وزير الداخلية شخصيات عامة بسبب مواقفها السياسية أو تصريحات لها على بعض القضايا.

كل هذا يدفعنا إلى القول، أن حدود الأمن القومي المغربي اليوم في ظل هذه المتغيرات ينطلق من العراق والشام (استخباراتيا) باعتبار التبعية (وبيعة) المنظمات الإرهابية التي تنشط محليا للبغدادي زعيم تنظيم "داعش" . وأن أول قواعد الدفاع ستنطلق من حدود ليبيا و مصر شرقا، باعتبارها قاعدة محتملة للتنسيق بين مختلف هذه الفصائل ، وشمال مالي جنوبا .

مع التأكيد على أن كمية المعلومات ليس هو الغاية، وإنما نوعيتها وكيفية استغلالها لإستباق نجاح هذه التنظيمات في مخططها منذ مرحلته الأولى.

ليبيا وشمال مالي، أول خطوط الدفاع الإستباقي للمغرب 
المغرب يحتاج إلى التواجد بقوة داخل الساحة الليبية، أمنيا، دينيا، واجتماعيا عن طريق دعم كل جهود المصالحة والتهدئة، مع تثبيت ومساندة كل الجماعات التي تتبنى فكرا وسطيا معتدلا ، ينبذ الإرهاب، ويلفظ كل من يحاول تحويل ليبيا إلى مستنقع دماء كبير قد تتلطخ في بركه كل دول المنطقة.

كما أن مساندة المغرب لكل الجهود الرامية إلى تأسيس دولة ليبية ذات مؤسسات قائمة بذاتها، تستطيع ضمان الأمن لكل الليبيين وقادرة على تكوين وعي شعبي مقاوم لكل أشكال الإرهاب وأفكاره الهدامة سيكون أول وسيلة وأول حائط دفاعي للملكة أمام كل من يحاول المس بأمنها واستقراره، باعتبار أن الأمن القومي للمملكة المغربية (وكل دول المنطقة) مرتبط في ظل الظروف الحالية، خاصة، بأمن المنطقة الإقليمي ومدى تعاون الدول من أجل فهم نوعية وخطورة التهديد الذي يترصدها، وكيفية التصدي له بشكل منسق في إطار خطط استباقية لوأد كل تهديد في مهده، دون مزايدات سياسية فظرفية المرحلة تفرض التعاون دون شروط مسبقة لأن العدو واحد.

ز.ش

مدون مغربي 



Aucun commentaire

Ajoutez votre commentaire

Fourni par Blogger.