كيف تختار المدرب المقبل للأسود في صفحة واحدة ودون معلم

(ملاحظة : هذا الموضوع قمت بنشره سابقا في منتديات كووورة مغربية)

[ضغط الوقت، واتساع لائحة الأسماء المرشحة]
مع مرور الوقت تتزايد حدة الجدل الدائر حول هوية المدرب الجديد للأسود... يرتفع سقف التوقعات وتتحول التكهنات إلى إشاعات تنتشر في الأوساط الرياضية بسرعة رهيبة  تجعل المتتبع حائرا تائها بين  كل تلك الأخبار والتحليلات التي تخلق كل يوم اسما جديدا تضيفه إلى لائحة من أسماء أخرى دخلت سباق الفوز بكرسي "ربان الأسود" مبكرا... لتتحول الأجواء العامة المحيطة بالشارع الكروي في صورة المنتخب الأول، إلى ساحة كبيرة من الإستطلاعات تسبق الحملات الإنتخابية يتم فيها جس نبض "الناخبين" (جماهير، إعلاميين، رياضيين، مسؤولين....) لمعرفة شعبية الأسماء الموجودة في لائحة الإنتظار، فقرار اختيار المدرب الجديد ليس بالسهل، ويجب عليه أن يكون محط اجماع (في مجمله) في الوسط الرياضي الكروي بكل مكوناته.

مع انطلاق حملة الترشيحات و"جس النبض"  نصب كل واحد منا نفسه مساندا رسميا لأحد الأسماء الموجودة في اللائحة، تتعدد الأسباب والدوافع، لكن رغبة الجميع مشتركة وواحدة، وهي ايجاد "المدرب المناسب للأسود"..

هل المدرب المناسب للمنتخب هو مجرد "اسم" يتم اختياره بالنظر إلى "CV "، وانجازاته؟ هل الأمر بهذه البساطة؟

[بين الإشاعات والحقائق، كل يغني على ليلاه ]

العديد من المتتبعين، يرشح اسم المدرب الذي يرغب في أن يتسلم مقاليد قيادة دفة المنتخب الوطني انطلاقا من النظر إلى سيرته الذاتيه وانجازاته دون العودة إلى التدقيق في الظروف المحيطة بهذه الإنجازات (الإمكانيات البشرية، المادية، نوعية البطولة، قوة الفريق، المنشآت الرياضية، المناخ، عقلية اللاعبين، درجة الإحتراف....)،فالنظر والتدقيق في تاريخ ولى ليس كافيا (لوحده) للتعرف على إمكانية  نجاح المدرب مع فريق أو منتخب ما. فحتى أفضل مدرب يمكن تصنيفه في المرتبة الأولى على مستوى العالم (من خلال انجازاته السابقة) لن يستطيع حصد الألقاب مع كل الفرق التي يدربها، إذا غابت ظروف النجاح.

شخصيا، وفي رأيي المتواضع أعتقد أن المدرب (مهما كانت إنجازاته) لايملك عصا سحريا يستطيع من خلالها قلب وتغيير الأمور في رمشة عين... والمنهجية السائدة لدى مسيري الشأن الكروي في المغرب في اختيار أو ترشيح اسم مدرب ما انطلاق من انجازاته فقط أعتبرها خاطئة، وهي مجرد ترقيع لوضعية مرقعة أصلا، غرضها إسكات أفواه المنتقدين وإخماد نار غضب الجمهور من خلال منح منصب المدرب، لإسم قد يكون عالميا ذا انجازات، وقد يكون فقط لإعتبارات أخرى جعلته محط إجماع.... وكل هذا لايعني أنه سيكون المدرب المناسب لتدريب الأسود في المرحلة الراهنة.

 [من هو المدرب المناسب لقيادة سفينة المنتخب وإنقادها من حالة الغرق التي تعيشها؟]

استوقفني هذا السؤال كثيرا، لأنني كنت متيقنا أن المسألة ليست مرتبطة بأسماء أشخاص فقط، وليست أيضا بعملية حسابية لجرد الألقاب والإنجازات، بل هي أكثر عمقا . فقررت البحث عن دلالات مايمثله "المدرب" بغض النظر عن اسمه وانجازاته...

 المدرب هو نتاج مدرسة كروية معينة، والمدارس الكروية المعروفة (الإيطالية، اللاتينية، الفرنسية، الإنجليزية، الألمانية، الهولندية...) تختلف عن بعضها البعض في التوجه، التكتيك، الرؤية الفنية البدنية والتقنية لطريقة لعب كرة القدم وهذا الإختلاف ليس اختياريا (بشكل كلي) ولكن تفرضه نوعية اللاعبين الذين يمثلون هذه المدارس.... والمدرب هو جزء من هذا التفاعل بين نوعية اللاعبين (تقنية، بدنية..) وطريقة لعب معينة تفرضها هذه النوعية من اللاعبين.

المدرب المناسب اذا هو المدرب القادر على التعامل لاعبين ينتمون لمدرسة محددة (بسبب تكوينهم الكروي)لهذا مثلا نجد أن مدرب المنتخب الإيطالي هو إيطالي، نفس الأمر ينطبق على أغلب المنتخبات العالمية الكبرى (البرازيل، فرنسا، انجلترا، ألمانيا، إسبانيا...) باعتبار أن هذه المنتخبات لها هوية كروية ومدرسة معينة تنتمي إليها، تحددها البطولة المحلية واللاعبين الممارسون فيها، وحتى اللاعبون المحترفون في بطولات أخرى تجدهم قد تعلموا أبجديات الكرة في مراكز تكوين بلدانهم الأصلية حسب المدرسة التي ينتمي إليها اللاعب..، فنوعية اللاعبين وانتماؤهم لأحد المدارس الكروية هو الذي يحدد اختيار اسم المدرب بالنسبة لهاته المنتخبات، وليس فقط الأسماء والإنجازات المحققة.

[الحالة المغربية، "ماتغير المدرب ديالك غي بما كرف منو"]

إن اختيار مدرب منتخب ما، لايتم بشكل عشوائي وإنما هو اختيار وقرار استراتيجي يتم اتخاده (كما بينت سابقا) انطلاقا من "ستايل" وبروفايل معين يتم إعداده مسبقا، لتنطلق بعد ذلك عملية ترشيح أسماء معينة تحمل صفات ذلك البروفايل الذي تم إعداده (المدرسة الكروية، الخبرة التدريبية، النهج التكتيكي....) لذلك فالبحث عن المدرب المناسب لمنتخب ما، يعتبر مرحلة ثانية، تسبقها مرحلة تحديد نوعية المدرسة الكروية التي يجب اعتمادها من أجل حصر الأسماء المعروضة، وانتقاء الشخص المناسب القادر على التفاهم مع نوعية اللاعبين الموجودين وتكوينهم  الكروي.

بالنسبة للمنتخب المغربي، فالإختيار ظل مقتصرا في العشر سنين الأخيرة (باستتناء غيريتس)على المدرسة الفرنسية، وحتى الأسماء المرشحة تكون في أغلبها منتمية لهاته المدرسة، ليبقى السؤال مطروحا هل اختيار المدرسة الفرنسية عنده دوافع منطقية ورياضية ؟ أم أنه مجرد اختيار اعتباطي مرتكز على الأسماء والإنجازات؟ هل المدرسة الفرنسية هي الوحيدة القادرة على التعامل مع اللاعب المغربي وعقليته الكروية ؟ هل الكرة المغربية تنتمي الى مدرسة معينة ؟

[ماهو مكمن الخلل في عملية اختيار مدرب المنتخب الوطني المغربي؟]

أعتقد أن المشكل (الخلل) في منظوري المتواضع يرجع بالضرورة إلى المنهجية المتبعة، فالطريقة السليمة لإختيار المدرب المناسب المقبل للمنتخب الوطني، يجب أن تنطلق من تعريف محدد "للاعب المغربي" (المحلي، والأجنبي) مميزاته وخصائصه، نقاط قوته وضعفه من أجل تحديد المدرسة الكروية القادرة على اخراج طاقات هذا اللاعب (التكتيكية، الفنية، البدنية)، آنذاك يمكن لنا أن نعرف نوعية المدرب الذي نحتاجه انطلاقا من التعرف على النهج (المدرسة الكروية) التي يستطيع اللاعب المغربي من خلالها ابراز مؤهلاته، وعوض البحث في CV العشرات من المدربين، وانجازاتهم التي قد تكون مغلطة للرأي العام الرياضي، سنجد أنفسنا أمام لائحة محصورة في اسمين أو ثلاثة قادرة في حالة توفر الظروف الملائمة على تكوين منتخب قوي وضمان استمراريته على المستوى القاري والعالمي.

[الفرق بين أسهل السبل وأفضل السبل ؟]

عوض أن نسلك أسهل السبل، بترشيح اسم كهير?ي رينارد فقط لأنه فاز بكأس افريقيا مع تانزانيا، مع اغفال أن طريقة لعبه والتي قاد من خلالها هذا المنتخب الإفريقي للفوز بالكأس القارية قد لاتناسب نوعية اللاعبين المغاربة (محليين ومحترفين)و نفس الشيء يمكن قوله على المدرب الإيطالي تراباتوني وكل الأسماء الموجودة حاليا في لائحة الإنتظار،أعتقد أنه يجب الإبتعاد عن "الأسماء" والإنجازات كمرحلة أولى، وتحديد بروفايل المدرب الذي نحتاجه قبل الشروع في ترشيح الأسماء وهذا البروفايل لن نستطيع تحديده أو تعريفه إذا لم ننطلق من تحديد هوية "اللاعب المغربي"  (التكتيكية، الفنية، البدنية) 

 فماهي إذن هوية "اللاعب المغربي" الكروية؟ ماهي  المدرسة الكروية التي يستطيع من خلالها اللاعب المغربي التطور وإبراز كل مؤهلاته ؟  لماذا ؟ وماهي الأسماء (التي تنتمي لتلك المدرسة)القادرة على انتشال المنتخب الوطني من مرضه ؟

 هي أسئلة قد تفتح الباب النقاش، وربما تكون مادة لأحد المواضيع في المستقبل من أجل توجيه الحوار والأفكار إلى مسار قد يكون أكثر غنى، وأكثر منطقية من التحدث فقط في الأسماء فقد قال أحد الحكماء أن العقول الصغيرة تناقش  الأشخاص (الأسماء في سياقنا هذا)، والعقول المتوسطة تناقش الأحداث، بينما تناقش العقول الكبيرة الأفكار......

كل الحقوق محفوظة
ينشر على صفحات منتدى كووورة مغربية


Aucun commentaire

Ajoutez votre commentaire

Fourni par Blogger.